ملكة جمال أمريكا 1973

منذ أن كنتُ طفلة صغيرة ، كنت أحلم أن أصبح مغنية وممثلة مشهورة ، أرى اسمي على لوحات الإعلانات الكبيرة، وبعد قضاء سنة في الجامعة جاءتني أول فرصة، لأغنّي في نوادٍ ليلية في الغرب الأمريكي الأوسط، وقد واجهت في طريقي هذا أشياء لم أكن أظن أنها موجودة ، ولم أكن مستعدة لمعالجتها ، مثل مشاكل السُّكْر ، والزيجات الفاشلة ، والعدد الكبير من الأشخاص الذين يعيشون في وحدة قاتلة وهم يحاولون أن يهربوا من الواقع.
وفي سنة ١٩٧٠ انضممت إلى فريق غنائي أصابني بالكثير من الكآبة ، لأنه كان علينا أن نغنِّي ٥٠ أسبوعاً في السنة في كل أنواع الظروف . ولكني كنت مصممة أن أحقق أمنية طفولتي مهما كلَّفني ذلك من جهد .
على أن هذا كله تغيَّر ذات ليلة كنا نغني فيها في جامعة معمدانية في ولاية كانزاس، فقد لاحظت أن التلاميذ يصفّقون كلما نذكر اسم الله أو المسيح في غنائنا . وظننت أول الأمر أنهم مجموعة مجانين . ولكن بعد ذلك جاءتني إحدى التلميذات المؤمنات، وتحدثَّت معي تحدثَّت أولاً عن عملي وحياتي ، ثم وجَّهت إليَّ سؤالاً لم يوجّهه إليَّ منذ اثنتين وعشرين سنة . قالت : « هل أنت مسيحية حقيقية ؟ » .
وعندما أجبتها أنني أؤمن بالله ، قالت : « ليس هذا ما أقصده » . وأخذَتْ توضِّح لي عن محبة الله ، وأنه يريد أن يُنشيء معي علاقة شخصية من خلال المسيح . وناولتني كتيباً روحياً صغيراً اسمه « المباديء الروحية الأربعة (تجد نصه في نهاية هذا الكتاب)، وطلبت مني أن أقرأه تلك الليلة ، على أن تجيء هي للحديث بصدده أثناء تناول إفطاري في اليوم التالي . وقبلْتُ ذلك لأني لاحظتُ السلام الذي يملأ قلبها , والذي لم يكن عندي شيئ منه.
وبدأت أتصفِّح الكتيب الصغير بسرعة إلى أن لاحظت أنه مختصر ويعالج مواضيع محددة، وسرعان ما وجدتُ نفسي أقرأ الصلاة المقترَحة في نهايته لأطلب من الله أن يغفر لي وأن يمنحني سلامه الذي لم أجده أبداً في عملي.
وفي صباح اليوم التالي جاءت الفتاة المسيحية وعبَّرت عن سعادتها بلقائي وعن محبتها لي ــ الأمر الذي لم أختبره منذ مدة طويلة . ولما بدأ فريق الغناء يستعد لمغادرة البلدة.
أعطتني كتاباً مقدساً وقالت : « مهما كانت مشغولياتك ، أؤكد لك أنك لو قرأتِ أصحاحاً منه كل يوم ، فإن حياتك ستتغير»، ولقد تغَّيرتْ حياتي فعلاً ، إذ بدأت أتحقق أن المسيح يفهمني ويدرك قلقي ومشاعري من جهة عملي. وتغيرت أشياء كثيرة في حياتي ، كنتُ مدخِّنة شرهة ، وكان وزني كبيراً ، فتركت التدخين وبدأت أحسّ باحترام الذات الذي جعلني أصمِّم على تخفيض وزني.
وتركت عملي بدون مال بالمرة ، وبدون وسيلة للحصول على تدريب للغناء، وقتها اقترحت عليَّ إحدى صديقاتي أن أدخل مسابقة ملكة الجمال . وقبلت ، مع أنني كنت أشعر أنني عجوز في الثانية والعشرين ! وشجعتني صديقتي بأن هذا برنامج نظيف لا أضطر فيه إلى التنازل عن مبادئي . ثم أنه قد يمنحني المنحة الدراسية التي أحتاجها لدراسة الغناء.
ومن تلك اللحظة بدأ الله يفتح أمامي الأبواب ويُريني خطّة لحياتي . صرت ملكة جمال أمريكا لسنة ۱۹۷۳ . في تلك السنة أجرى الله تغييرات كثيرة في حياتي ، فغَّير نظرتي إلى وظيفتي ومستقبلي . واكتشفتُ أنه بالرغم من أني كنت أصلي ليوجّه الله خطواتي في عملي ، لم أكن فعلاً أصغي إلى إجابته عليَّ . وأنا الآن أدرك أن مسئوليتي الأولى في حياتي هي من نحو الله ، ومسئوليتي الثانية هي من نحو زوجي توما ومن نحو أطفالي . ثم بعد ذلك يجيء التفكير في عملي. .ولقد أعطاني الله رغبة في أن أتوافق مع مشيئته
ولا زلت أنتظره ليحدِّد لي ما أفعله في مستقبل حياتي . لقد سجلْتُ أشرطة للترانيم .
وأنا الآن أكتب كتاباً . لكن دوافعي لعملي هذا مختلفة عمَّا كانت في الماضي ، فلم تعُدْ الأضواء مركز انتباهي ، لأني تعلمت أن الأشياء الدائمة هي الأشياء التي نعملها في سبيل المسيح وخدمته .