ما المقصود بلقب “ابن الإنسان” الذي استخدمه المسيح كثيرًا في الأناجيل، وهل يدل هذا اللقب على أنه كان مجرد إنسان عادي وليس الله ؟

وصف المسيح نفسه بأنه ابن الإنسان، ليس لأنه كان إنساناً عادياً، لكن لأنه اتَّخذ جسد إنسان لما وُلد من العذراء القديسة مريم.

ومما يدل على أن ابن الإنسان هو ابن الله الأزلي، أنه عُرف بهذا اللقب من قبل ميلاده. فقد ظهر لدانيال النبي في هيئة ابن الإنسان سنة 500 ق.م، فقال دانيال: «كنت أرى في رؤى الليل، وإذا مع سُحب السماء مثل ابن إنسان، أتى وجاء إلى قديم الأيام، فقرَّبوه قدامه، فأُعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبَّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض» (دانيال 7 :13، 14).
أطلق المسيح على نفسه لقب «ابن الإنسان» بمعنى «ابن الله» مرات متعددة أمام رؤساء اليهود الذين اجتمعوا لمحاكمته، فقال لهم: «مِنَ الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء» (متى 26 :64) مشيراً بذلك إلى أنه المقصود بابن الإنسان الذي تتعبد له كل الشعوب، والذي تنبأ عنه دانيال النبي من قبل. ومما يدل على أن رؤساء الكهنة فهموا قَصْد المسيح من إطلاق لقب «ابن الإنسان» على نفسه أنهم عندما سمعوا قوله هذا، مزَّق رئيس الكهنة ثيابه قائلاً: «قد جدّف». وهذا دليل واضح على أن المراد بـ «ابن الإنسان» هو «ابن الله» بعينه.

(1) لم يُولد المسيح بالتناسل الطبيعي مثل الناس، بل وُلد من عذراء، فلا يصحّ أن يُقال عنه إنه «ابن آدم» مثل أحد الناس. فإذا أردنا أن نسند شخصه من جهة الناسوت إلى بشر كابن، فإنه لا يُدعى «ابن آدم» بل «ابن مريم» أو «نسل المرأة» (تكوين 3 :15).

(2) لا يُقصد بكلمة «الإنسان» الرجل وحده، بل يُقصد بها الرجل والمرأة على السواء، لأنها تدل على الإنسان عامة. فتسمية المسيح بـ «ابن الإنسان» لا يُفهم منها أنه «ابن آدم» بل أنه ابن الإنسان عامة، أو ابن الإنسانية وممثّلها، بوصفه المتأنس منها لكي يأخذ بناصرها.

(3) كما أن هناك أبناء كثيرين لله، ولكن المسيح وحده هو «ابن الله». هناك أبناء كثيرون للناس، لكن المسيح وحده هو «ابن الإنسان». ولذلك هو وحده أطلق هذا اللقب على نفسه. وتدل كل القرائن على أنه قصد به «المُعلِن لله» أو «الله مُعلَناً». لأنه أعلن أنه بوصفه ابن الإنسان يغفر الخطايا (مرقس 2 :7) ويمنح الخلاص والسلام (لوقا 7 :50) ويعطي الأموات بالخطية حياة روحية أبدية (يوحنا 5 :25) ويجازي كل واحد حسب أعماله (متى 16 :27) وغير ذلك من الأعمال التي لا يقوم بها إلا الله.

ومما يثبت صدق هذه الحقيقة أن اليهود استنتجوا من كلام المسيح أن للقب «ابن الإنسان» معنى غير المعنى الذي يتبادر إلى الذهن، فسألوه مرة في حيرة: «من هو هذا ابن الإنسان؟» (يوحنا 12 :34). وما كان للحيرة أن تجد مجالاً إلى نفوسهم، لو كانوا قد علموا أن «ابن الإنسان» هو بعينه «ابن الله». فهو رب السبت أيضاً (مرقس 2 :28).

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *